أقدم في مقالي هذا مؤشرات تقييم المحتوى Content Value Indicators على المنصات الاجتماعية لصنّاع المحتوى والمؤثرين.

في عصر تكريس ثقافة التفاهة وإضاعة الوقت، وإغراق مواقع التواصل الاجتماعي بمحتوى يزداد سخافةً وتكرارًا دون إضافة أي إبداع، ومحتوى عديم الفائدة، غالبًا ما يهدر وقت المتابعين وحياتهم، لا بد أن نعتمد مؤشراتٍ تساعدنا في قياس قيمة المحتوى الذي نقدمه، وبالنتيجة توجهنا لإنشاء محتوى أفضل مستقبلًا.

يجب أولًا تحديد المحتوى المعني بهذا المقال. وهنا لا نتناول المنشورات ذات الطابع الشخصي البحت والخاصة بالصور العائلية أو الذكريات فناشرها إنما يشارك أهله وأصدقاءه بعض اللحظات والأحداث المهمة في حياته، لكن حتى هذه يجب أن تخضع للتقييم والتقنين كي لا يمل الناس ناشرها وقصصه.

نحن هنا ندرس المحتوى المهني أو الذي يقدَّم تحت مظلة “التأثير”. وهو ما ينبغي على كل من يقدمه أن يضعه بكل صدق في ميزان المؤشرات والمقاييس أدناه ليستطيع تقييم أهميته ونوعيته، وبالنتيجة تعديله وتحسينه مستقبلًا. وقد أدرجت مع كل مؤشر بعض الأسئلة التي تساعد على فهمه

الغاية

القيمة

الملاءمة

المتابعون

الغايات

هل لديك رؤية واضحة ورسالة وأهداف توجِّه اختيارك للمحتوى؟

  ما الذي تثيره وتستفزه وتستهدفه منشوراتك؟ وما البضاعة التي تروج لها؟ ما مجال تأثيرك إن كنت تعد نفسك من المؤثرين؟ (الفكر، الجسد، الروح الإيجابية، التفاؤل، الإلهام والتحفيز، الترفيه والإمتاع اللائق، القيم الإنسانية العليا)

  هل يعرض محتواك إنجازاتٍ قيمة لك بحيث يعد تعريفًا ودعاية لأعمالك التي قد يحتاجها الغير وتضيف قيمةً لحياتهم؟ 

 هل يقع محتواك ضمن واحدٍ أو أكثر من التصنيفات التالية

  معلومات مهمة ومفيدة

مضحك ومسلي بطريقة مبتكرة دون تفاهة أو إسفاف أو استهزاء بالغير

 أفكار ملهمة

  تذكرة للغافل لجوانب حياتية ذات أهمية

  محفز للتطوير الذاتي مع الابتعاد عن العبارات والأفكار المكررة والمسروقة

    إبداعي ومتميز سواء فنيًا أو فكريًا أو روحانيًا

   معزز لقيم إيجابية وإنسانية عالية

القيمة المضافة

كم من وقتك ومن البحث والعلم وإعمال الفكر والجهد يستغرق إعداد منشوراتك؟ أم أن الهدف هو ضخٌّ لا يتوقف لمحتوى مستنسخ ومكرر أو غير مجدي وغير ملهم؟

هل لديك ما يكفي من التخصص والخبرة والمعلومات في مجال محتواك يؤهلك فعليًا لتقديمه؟

هل تُغرق متابعيك يوميًا بطلّتك وصورك التي لا تنتهي ولا تضيف شيئًا إلى حياتهم؟ (علمًا بأن شكل المرء يكاد لا يتغير يوميًّا). وهذا سيعني أن البضاعة التي تحاول بيعها ما هي فعليًّا إلا… أنت

هل محتواك مفيد يضيف قيمةً لمتابعيك وجديرٌ بإضاعة وسرقة لو حتى ثواني من عمرهم؟

 

الملاءمة

هل يليق محتواك بدينك وأخلاقك واسمك وعائلتك؟

هل أنت فخورٌ فعلًا بما تقدم؟ (أخلاقياً، مثال يحتذى به، قيمة إنسانية عالية، مميز ومبتكر وليس استنساخًا أو تكرارًا مملًا لكلمات أو أفكار غيرك، أو أنه مسلي ومثير للضحك والترفيه)

مارس المساءلة. كن مرآةً لنفسك وانظر من بعيد نظرة ناقدة بكل صدق، هل تستشعر سخافة محتواك أم قيمته العالية؟ وهل ترى أنك بعد عشر سنوات من الآن ستقدِّر عاليًا تأثير المحتوى الذي قدمته على الحياة وعلى جيل المستقبل أم ستخجل منه؟

المتابعون والتعليقات

هل لديك متابعون حقيقيون متفاعلون ومهتمون بما تقدم من فكرٍ أو إمتاع، لا بشخصك أنت ومظهرك وشكلك وملابسك؟

هل الإعجابات التي تتلقاها على منشوراتك حقيقية وصادقة أم مجرد مجاملات اجتماعية ودعم عائلي؟

هل تعليقات المتابعين صادقة ومفيدة وهادفة وناقدة وموجِّهة للمحتوى المستقبلي أم أنها مجرد مجاملات أو غزل؟

هل يتشوق متابعوك للمزيد من محتواك؟ وإن لم تنشر أي محتوى لفترةٍ ما، هل سيفتقدونك أو يطالبك أحد بالمزيد؟ (هنا أيضًا لا نقصد المزيد من الصور الشخصية)

يبقى أحد أهم المعايير لتقييم المحتوى والذي يجب أن نحرص على تقصيه هو الآراء الناقدة لمحتوانا، والتي ستعكس النظرة الأوسع نطاقًا للجمهور العام. وهنا ينبغي تجنب الركون إلى المديح والمجاملات، بل البحث عن الرأي القاسي الذي قد يثير استياءنا لكنه في الحقيقة يدفعنا للتفكير وإعادة النظر فيما ننشره